أكدت الدكتورة أمل السيسي، أستاذة طب الأطفال ومنسقة برنامج صحة الأم والطفل والمديرة الفخرية لبرنامج “متحدون للقضاء على سرطان عنق الرحم” في مصر، أن السرطان ما زال يُعد من أشد التحديات الصحية عالميًا، مشيرة إلى تسجيل 18 مليون حالة إصابة جديدة بالسرطان حول العالم في عام 2020 وحده، مما يجعله ثاني أكثر الأمراض تسببًا في الوفاة عالميًا.
وكشفت أن مصر تسجل عدداً كبيراً من الإصابات، حيث تم رصد 134,632 حالة جديدة سنويًا، وهو رابع أكثر السرطانات انتشاراً النساء في مصر، مما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الدولة في مجالات الوقاية والكشف المبكر والعلاج.
وأشارت إلى أن سرطان عنق الرحم هو ثاني أكثر السرطانات انتشارًا في إفريقيا للفئة العمرية 18–20 عامًا، وهو سرطان يمكن الوقاية منه بدرجة كبيرة عبر التطعيم والكشف المبكر.
جاء ذلك في ورشة عمل بعنوان “فهم فيروس الورم الحليمي البشري والأمراض والسرطانات المرتبطة به والعبء الاقتصادي الناتج عنه”، التي عقدت ضمن فعاليات ندوة “كسر الصمت حول سرطان عنق الرحم في العالم العربي”، التي أقيمت اليوم بمشاركة متخصصين وخبراء من عدة مصر والجزائر ولبنان وهولندا، بالتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على سرطان عنق الرحم.
وقالت إن فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) يظل سببًا محوريًا في تطور سرطان عنق الرحم، حيث يتسبب في أكثر من 95% من الحالات، لافتة إلى أن الفيروس مسؤول عالميًا عن 1 من كل 20 حالة سرطان جديدة.
وأضافت أن الأمراض المرتبطة بالفيروس تشمل سرطانات البلعوم والشرج والقضيب والمهبل والفرج، إضافة إلى 32 مليون حالة ثآليل تناسلية سنويًا.
وشددت على أن سرطان عنق الرحم لا يُكتشف غالبًا إلا بعد تطوره وظهور أعراض متقدمة، وهو ما يزيد من خطورة المرض.
وأضافت أن الجمعيات الطبية الأمريكية توصي ببدء الكشف من سن 25 عامًا، من خلال الفحص الأولي لفيروس HPV كل ثلاث سنوات أو عبر الجمع بين مسحة عنق الرحم وفحص الفيروس كل خمس سنوات، وهي الإجراءات التي يمكنها منع 95% من الحالات.
وكشفت د. السيسي أن أكثر من 80% من النساء والرجال يُصابون بفيروس الورم الحليمي البشري خلال حياتهم دون أن يعلموا، وأن الجهاز المناعي يتخلص من الفيروس تلقائيًا خلال عامين لدى أكثر من 80% من المصابين.
ورغم ذلك، فإن استمرار وجود الفيروس لفترات أطول يزيد من احتمالات تطور الأورام.
وأضافت أن نسبة انتشار الفيروس بين النساء في مصر ارتفعت من 10.4% في عام 2014 إلى 14.3% في عام 2021، وأن النوع الأكثر شيوعًا هو HPV-16 بنسبة 19.6%، مؤكدة أن لقاحات HPV آمنة تمامًا، حيث أظهرت 109 دراسات شملت 2.5 مليون شخص عدم وجود أي آثار جانبية خطيرة، باستثناء الأعراض المعتادة مثل ألم موضع الحقن أو الإغماء المرتبط بالتوتر من التطعيم.
وقالت: إن التطعيم يحمي من السرطان بنسبة 90%، مشيرة إلى تجربة السويد التي طعّمت 16 مليون فتاة في سن 12 عامًا منذ 20 عامًا، واتضح أن الأجسام المضادة ما زالت مرتفعة وأن معدلات الإصابة انخفضت إلى 4 حالات فقط لكل مليون.
كما كشفت دراسة في إنجلترا أن من بين 500 ألف فتاة مطعّمة لم تُصب سوى 19 حالة فقط، 18 منهن تلقين التطعيم متأخرًا في سن 17 عامًا، مقارنة بـ40 إصابة بين غير المُطعّمات.
وحول إصابة الرجال بهذا الفيروس اوضحت أن أكثر من 20% من الرجال يحملون الفيروس، ويمكن أن يصيبهم بسرطانات مختلفة، إلا أنه لا يوجد حتى الآن اختبار مبكر للكشف عن الإصابة لدى الرجال، بعكس السيدات اللاتي يتوفر لهن اختبار مسحة عنق الرحم.
وأوضحت أن مصر تستهدف ضمن المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية تطعيم 35 مليون سيدة من سن 18 إلى 65 عامًا، خصوصًا أن مرض سرطان عنق الرحم يحتل المركز الرابع بين السرطانات التي تصيب السيدات، ويُسجل سنويًا 1350 حالة متأخرة و600 حالة وفاة.
وأكدت أن التطعيم لا يحمي فقط من السرطان بل يحمي أيضًا من العقم، إذ أن الإصابة المتقدمة قد تستوجب استئصال الرحم.
وفي ختام تصريحاتها، شددت د. السيسي على أن مستوى الوعي بفيروس الورم الحليمي البشري في المجتمع يكاد يصل إلى الصفر، رغم أن المرض يمكن الوقاية منه بشكل شبه كامل، مؤكدة ضرورة بدء برنامج وطني شامل للقضاء على سرطان عنق الرحم، خاصة أن مصر تُعد من الدول القوية في برامج التطعيمات ولديها بنية مؤهلة لتطبيق البرنامج فورًا.


