مسؤولون وخبراء ينافشون آليات جذب الاستثمارات للرعاية الصحية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص
ناقشت الجلسة الاخيرة من القمة السنوية الثانية للاستثمار في الرعاية الصحية، تعزيز قدرات الخدمات الطبية لتلبية الطلب المتزايد في ضوء الموازنة بين التكلفة والسعر، حيث تركز النقاش على أهمية دمج الحلول الرقمية في منظومة التأمين الصحي لتسريع الإجراءات، رفع كفاءة تسوية التعويضات، والحد من الغش، بما يسهم في توسيع نطاق الخدمات وخفض التكلفة التشغيلية.
كما أظهرت المناقشات أن استقرار سعر الصرف وتحسن البيئة الاقتصادية يشكلان عاملين محوريين لجذب الاستثمارات، خاصة في مجالات تصنيع الدواء، المستشفيات، والمختبرات الطبية.
وأكد مصطفى خليل، نائب مساعد رئيس الهيئة العامة للرقابة الصحية، على أهمية توظيف التكنولوجيا وتعزيز الشراكة بين التأمين الصحي الشامل وشركات التأمين الخاصة لتوسيع نطاق الخدمات الطبية في مصر.
وأشار خليل إلى أن النظام التشريعي الحالي للتأمين الصحي يسمح بالاستفادة من خبرات القطاع الخاص في إدارة الشبكات الطبية واستخدام التكنولوجيا، بما يشمل تسوية التعويضات بشكل سريع وإصدار الوسائط الرقمية، لتمكين المواطنين من الحصول على خدمات التأمين بكل سهولة ويسر.
وأوضح أن الهيئة تهدف لضمان تغطية أكبر عدد ممكن من المواطنين، حيث تم تطبيق التأمين الصحي الشامل في ست محافظات، مع خطط لتوسيعه إلى المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية.
وأضاف أن الشراكات بين القطاعين يمكن أن تشمل تبادل الخبرات التكنولوجية، تسوية التعويضات، والمشاركة في قبول المخاطر الطبية، مؤكداً الجهود التي يبذلها الاتحاد المصري لشركات التأمين في هذا المجال.
كما شدد خليل على دور التكنولوجيا في دعم نمو الاقتصاد ورفع كفاءة جميع الأنشطة المالية غير المصرفية، بما في ذلك شركات التأمين والرعاية الصحية، مؤكداً أن التشريعات الحديثة تتيح لهذه الشركات بناء بنية تكنولوجية متطورة لخدمة العملاء، بما يسهم في زيادة الوصول إلى خدمات التأمين وتحقيق مساهمة أكبر في الناتج المحلي.
وأشار إلى أن شركات الرعاية الصحية تخضع لإشراف الهيئة، مع وضع حد أدنى لرؤوس الأموال يبلغ 20 مليون جنيه، بالإضافة إلى اشتراطات خاصة بالبنية التكنولوجية لضمان تقديم خدمات عالية الجودة.
وأوضح خليل أن مرحلة الاستقرار الاقتصادي الحالية، بما في ذلك استقرار سعر العملة وزيادة الموارد الأجنبية، توفر بيئة محفزة لجذب الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية.
أكد علاء الزهيري، رئيس اتحاد شركات التأمين والعضو المنتدب لشركة GiG، خلال جلسة بعنوان «تعزيز قدرات الخدمات الطبية لتلبية الطلب المتزايد في ضوء الموازنة بين التكلفة والسعر» ضمن فعاليات القمة السنوية الثانية للاستثمار في الرعاية الصحية، أن التطورات التكنولوجية في قطاع التأمين الطبي ساهمت بشكل كبير في تحسين كفاءة العمليات وتقليل الغش والاحتيال في الفواتير الطبية.
وأشار الزهيري إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة يتيح لشركات التأمين مراجعة ملايين الفواتير بسرعة ودقة، والتأكد من صحة الخدمات المقدمة قبل صرف التعويضات، مما يحمي العملاء من تحمل تكاليف إضافية نتيجة الاحتيال.

وأوضح أن التكنولوجيا ساعدت أيضًا في تبسيط إصدار وثائق التأمين وتسليمها للعملاء إلكترونيًا، ما يوفر الوقت والجهد ويقلل من المصروفات التشغيلية، إضافة إلى تعزيز قدرة شركات التأمين على تقديم خدمات شاملة لملايين المواطنين والمقيمين.
وأكد الزهيري أن شركات التأمين تعمل بالتعاون مع هيئة التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات متكاملة تشمل التغطية الأساسية والتكميلية مثل خدمات الأسنان، مع السعي لتوسيع نطاق التغطية بما يخدم أكبر عدد ممكن من المواطنين، مع توجيه جزء من الموارد لتحسين البنية التحتية الطبية وبناء مستشفيات جديدة.
بينما قال أحمد درويش، العضو المنتدب لشركة “رويال للتأمين”، أن تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل في مصر يوفر فرصة لتعزيز جودة الخدمات الطبية المقدمة، مع الحفاظ على موازنة دقيقة بين التكلفة والسعر، بما يضمن استفادة أكبر عدد من المواطنين من خدمات صحية متطورة.
وأوضح درويش أن شركته تركز على تقديم خدمات متميزة، تتجاوز مجرد العلاج الطبي التقليدي، حيث تشمل تسهيلات مثل التواصل المباشر عبر الهاتف أو المنصات الرقمية، وخدمات متقدمة تتناسب مع احتياجات المرضى المختلفة.
وأشار إلى أن بعض هذه الخدمات تأتي بتسعيرات مناسبة للمستفيدين، بينما توفر خدمات أخرى مزايا إضافية ضمن نظام التأمين الصحي، لتعزيز تجربة المريض وتحسين جودة الرعاية المقدمة.
وأضاف درويش أن شركات التأمين تلعب دوراً أساسياً في دعم المستشفيات والصيدليات والشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية وربط العمليات إلكترونياً مع مقدمي الخدمة، ما يحقق ثلاثة أهداف رئيسية: تحسين جودة الإجراءات والخدمات، تسهيل متابعة الفواتير والتعامل مع العملاء، والاستفادة من البيانات لتحليل احتياجات السوق وتقديم منتجات مناسبة.
وأكد أن هذا التوجه يعزز هامش ربح شركات التأمين ويحد من التعويضات غير المدروسة، بينما يوفر للمواطنين خدمات صحية شاملة ومتاحة للجميع دون زيادة في التكلفة، بما يضمن استفادة المستشفيات والصيدليات من تشغيل أفضل ويعزز قدرتها على تقديم خدماتها بشكل مستدام.
واختتم درويش حديثه بالإشارة إلى أن الابتكار في تقديم الخدمات الصحية، إلى جانب استراتيجيات التأمين الفعّالة، يمثلان مفتاحاً لضمان قدرة القطاع الطبي على مواجهة الطلب المتزايد وتقديم رعاية شاملة ومتطورة للمواطنين، مع دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز التنمية المستدامة في القطاع الصحي.
من جانبها، أكدت الدكتورة نرمين طاحون، المؤسس والشريك الإداري لمكتب “طاحون للمحاماة”، أن نشاط الاستحواذات في القطاع الطبي والصحي بدأ يشهد انتعاشاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، مدفوعاً باستقرار سعر الصرف وتراجع معدلات الفائدة، وهو ما يفتح فرصاً جديدة للمستثمرين المحليين والدوليين.
وأوضحت د. طاحون أنها تمتلك خبرة طويلة في الاستشارات القانونية للقطاع الخاص، حيث عملت سابقاً مع مكاتب دولية كمستشار قانوني لوحدة المشاركة مع القطاع الخاص منذ تأسيسها، مشيرة إلى أن مكتبها أدار خلال الفترة الأخيرة عدة صفقات استحواذ ناجحة في مجالات مختلفة، تراوحت قيمتها بين 100 و200 مليون جنيه، شملت مستشفيات ومعامل تحاليل وشركات متخصصة في المجال الطبي.
وأشارت إلى أن المكتب لا يزال يعمل على صفقات أخرى قيد الإغلاق، تتراوح قيمتها بين 50 و100 مليون جنيه، مؤكدة أن هناك اهتماماً متزايداً من المستثمرين بالقطاع الطبي نظراً للإمكانات الكبيرة للتوسع وتقديم خدمات صحية متكاملة.
وقالت د. طاحون إن استقرار البيئة الاقتصادية، ووجود آليات واضحة للاستثمار في القطاع الخاص، يعزز قدرة المستثمرين على التخطيط طويل الأمد، ويتيح فرصاً حقيقية لتنمية مستدامة في قطاع الرعاية الصحية، بما يعود بالنفع على المواطنين ويحفز التطوير والتوسع في الخدمات الطبية.
من جهتها، أكدت نيفين كشمير، نائب العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية بالمصرف المتحد وعضو مجلس الإدارة التنفيذي، أن البنك يضطلع بدور محوري في دعم المنظومة الطبية والصحية في مصر عبر حزمة واسعة من البرامج التمويلية والتسهيلات الموجهة لمختلف القطاعات الصحية، سواء المستشفيات أو شركات توزيع وتصنيع الدواء أو العيادات والمراكز الطبية.
وأوضحت كشمير، أن المصرف المتحد يحرص على ضخ تمويلات كبيرة لتمكين الشركات الكبرى من توسعة استثماراتها في تأسيس المستشفيات وتطوير شبكات توزيع الدواء، كما يقوم الي دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في تصنيع الأدوية والمستلزمات الطبية.
وأشارت إلى أن الصناعة الدوائية المحلية تمثل نحو 90% من احتياجات السوق، ما يجعل دعمها “أولوية وطنية” لدعم الاستدامة وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وأضافت أن البنك يقدم منتجات تمويلية متخصصة للأطباء والمشروعات الطبية، من بينها برنامج «الدكتور لون» وبرنامج «تمويل الأطباء» المدعوم من البنك المركزي بفائدة 5% فقط، والذي يمكّن الأطباء من تجهيز عياداتهم وشراء الأجهزة الطبية ومعدات معامل التحاليل ومراكز الأشعة، بفترات سداد تمتد حتى 7 سنوات.
ولفتت إلى أن حجم التمويل الموجه لهذا البرنامج وحده بلغ 161 مليون جنيه، إضافة إلى 257 مليون جنيه موجهة لتمويل الصيادلة، وأكثر من مليار جنيه لدعم مصانع وشركات تصنيع وتوزيع الدواء.
وأكدت كشمير مشاركة المصرف المتحد في عدد كبير من المبادرات القومية بالتعاون مع وزارة الصحة وصندوق «تحيا مصر» ومؤسسات المجتمع المدني، ومنها «مبادرة 100 مليون صحة»، وبرامج القضاء على قوائم الانتظار، وصحة المرأة، والكشف عن فيروس سي، إلى جانب مبادرة «أولادنا في عنينا» لمكافحة الأنيميا وضغط الدم وأمراض العيون والأمراض الجلدية لدى الأطفال.
وأشارت إلى أن البنك يساهم بقوة في مشروعات التنمية المستدامة عبر دعم وتمويل عدد كبير من المؤسسات الصحية، من بينها مستشفى الشيخ زايد التخصصي، ومستشفى شفاء الأورام بالأقصر، ومستشفى بهية، والمعهد القومي للأورام، ومستشفى المنشاوي العام، ومعهد السكر والغدد الصماء، وجمعيات رعاية المرضى بعدد من المحافظات.
وفيما يتعلق بتقييم المخاطر الائتمانية في القطاع الصحي، أوضحت كشمير أن القطاع يُصنَّف ضمن فئة المخاطر “المعقولة”، نظرًا لارتفاع تكلفة الأجهزة الطبية والمواد الخام الدوائية، مقابل قيود الأسعار التي يتحملها المنتج أو مقدم الخدمة.
لكنها أشادت بالجهود التنظيمية لهيئة الشراء الموحد، التي أسهمت العام الماضي في إقرار زيادات سعرية ساعدت المصانع على تغطية تكلفتها وضمان استمرارية الإنتاج.
كما ثمنت السياسة النقدية للبنك المركزي والمرونة التي اكتسبها سعر الصرف خلال العامين الماضيين، والتي أتاحت للمستثمرين وضع خطط واضحة للسنوات المقبلة، ودفعت لزيادة تدفقات العملة الأجنبية من مصادر عدة، وعلى رأسها السياحة.
وأكدت أن المصارف تعتمد معايير دقيقة عند تقديم التسهيلات الطبية، تشمل تقييم خبرة الطبيب، وسنوات تشغيل المنشأة، وإجراءات الرهن على الأجهزة والمعدات أو العقارات لضمان سلامة التمويل، مشيرة إلى أن البنوك مسؤولة عن حماية أموال المودعين والمستثمرين، مع استمرار دعمها لقطاع يُعد من أكثر القطاعات أهمية واستقرارًا في السوق المصرية.
من جانبه، أكد الدكتور علي يحيى، المدير الإقليمي والمدير العام لمصر وشمال إفريقيا بشركة «جمجوم فارما»، أن صناعة الدواء من أكثر القطاعات تأثرًا بتقلبات سعر الصرف، خاصة في ظل اعتماد جزء كبير من مدخلات الإنتاج على مستلزمات تُستورد من الخارج.
وأوضح يحيى، أن ارتفاع الدولار ينعكس مباشرة على تكلفة المواد الخام والتعبئة والتغليف، مما يضع الشركات أمام تحدٍّ في الحفاظ على هامش الربحية واستمرار الإنتاج بمعدلات مستقرة.
وأضاف أن الفترات التي تسبق التعافي الاقتصادي عادة ما تشهد اضطرابات و”صدمة سعرية”، إلا أن السوق كان يستعيد توازنه تاريخيًا خلال فترات تمتد بين ثلاث إلى خمس سنوات، وهو ما يتطلب خططًا مرنة لإدارة التكلفة.
وأشار إلى أن شركات الدواء لا تمتلك رفاهية تعديل الأسعار بشكل فوري، بعكس قطاعات أخرى، نظرًا لارتباطها بآليات تسعير منظمة، مؤكدًا أن التعاون مع هيئة الدواء المصرية خلال المراجعة الأخيرة لأسعار المستحضرات كان «إيجابيًا وسريعًا»، حيث تمت الزيادات خلال فترة تراوحت بين 3 و6 أشهر وبشكل شامل لمعظم الأصناف المتداولة في السوق.
وشدد المدير الإقليمي لـ«جمجوم فارما» على أن الاستثمار الدوائي في مصر لا يقتصر على خدمة السوق المحلي الذي يضم أكثر من 110 ملايين نسمة بالإضافة إلى ملايين الزوار والسياح سنويًا، بل يمتد ليشمل أسواقًا إقليمية مهمة مثل السودان وليبيا، وهو ما يجعل وجود مصانع قوية داخل مصر عنصرًا حاسمًا لتعزيز القدرة التنافسية والتصديرية.
كما لفت إلى أن الشركات العاملة في السوق المصري—سواء القائمة أو تلك التي تخطط لإنشاء مصانع جديدة—تستفيد من وضوح الرؤية الصناعية والتنظيمية، ما يتيح لها وضع خطط إنتاج وتكاليف سنوية أكثر دقة، مع إمكانية التوسع في التصدير بالاعتماد على سعر صرف واضح داخل الجهاز المصرفي.
وشدد يحيى بأن استقرار بيئة الأعمال وسياسات التسعير وتوافر العملة الأجنبية يمثلون ركائز أساسية لضمان استدامة صناعة الدواء وقدرتها على تلبية احتياجات السوقين المحلي والإقليمي.
في سياق متصل، أكد الدكتور أحمد قشطة، رئيس قطاع العلاقات المؤسسية بشركة «أسترازينكا مصر»، أن التحولات الكبيرة التي شهدها سوق الصرف خلال السنوات الأخيرة لم تكن مجرد «تعويم» بالمعنى التقليدي، بل عملية إعادة ضبط كاملة لمنظومة التسعير بما يضع الاقتصاد المصري على مسار أكثر واقعية واستدامة، وهو نموذج معمول به في عدة دول كتركيا والبرازيل.
وأوضح قشطة، أن أنظمة تثبيت سعر الصرف التي كانت مطبقة سابقًا لم تعد مناسبة لطبيعة الأسواق العالمية الحالية، خصوصًا في القطاعات شديدة الارتباط بالواردات مثل الصناعات الدوائية.
وأضاف أن تقلبات سعر الدولار والتضخم يجب التعامل معها في إطار آلية واضحة ومسبقة تضمن قدرة الشركات على التكيف الفوري مع أي تغيرات، وهو ما عملت عليه هيئة الدواء المصرية خلال السنوات الماضية عبر وضع منظومة تسعير أكثر مرونة وتوقعًا، مما انعكس على سرعة تنفيذ المراجعات السعرية الأخيرة.
وأشار إلى أن هذا التحديث في المنظومة لم يكن استجابة لحظة، بل نتيجة عمل مشترك امتد لسنوات بين الحكومة والقطاعين الخاص والعام، بهدف وضع قواعد ثابتة تساعد الشركات في التخطيط طويل الأجل والاستمرار في الاستثمار.
وفيما يتعلق بتأثير تغيّر سعر الصرف على القطاع، أكد قشطة أن الخسارة الأكبر لا تتمثل فقط في ارتفاع تكلفة الخامات، بل في احتمالية فقدان الكوادر، التي وصفها بأنها «أثمن ما تمتلكه أي شركة». وكشف أن «أسترازينكا مصر» نجحت—رغم التحديات—في الحفاظ على غالبية العاملين لديها البالغ عددهم نحو 600 موظف في الوقت الذي عانت فيه شركات أخرى من خسارة موارد بشرية مؤهلة بسبب الضغوط الاقتصادية.
وأوضح رئيس العلاقات المؤسسية أن السوق المصري يتميز بأن 90% من الدواء يتم تصنيعه محليًا، بينما تعتمد الـ10% الأخرى على التكنولوجيا الحديثة والعلاجات المتطورة القادمة من الخارج، وهو ما يجعل الدور الذي تلعبه الشركات متعددة الجنسيات، ومنها «أسترازينكا»، أساسيًا لضمان وصول أحدث الأدوية للمريض المصري. وأكد حرص الشركة على إدخال العلاجات المتقدمة للسوق خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، بما يواكب التطور العالمي ويضمن جودة الخدمة الصحية.
وفي سياق موازٍ، قال قشطة إن التغير في سعر العملة قد يكون عاملًا إيجابيًا للشركات التي تستهدف التصدير، وهو ما يشجع «أسترازينكا» على تعزيز دورها الإقليمي من خلال مشاريع تعاون واسعة مع عدة دول إفريقية. وكشف عن مبادرات مشتركة مع سبع دول إفريقية لتدريب الكوادر الطبية، ومشروعات جديدة في أمراض القلب والكلى بالتعاون مع وزارة الصحة المصرية، بهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للتشخيص والعلاج.
وأشار إلى أن وجود «أسترازينكا» في مصر يمتد لأكثر من خمسين عامًا، وأن مصنع الشركة في مدينة السادس من أكتوبر يعمل منذ أكثر من عشرين عامًا، مع استثمارات تجاوزت 50 مليون دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة لتطوير خطوط الإنتاج وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا الدوائية الحديثة.
كما لفت إلى أن الشركة تولي اهتمامًا كبيرًا بالأبحاث السريرية التي تُنفَّذ بالتعاون مع وزارة الصحة وعدد من المؤسسات الطبية، معتبرًا أن هذا النوع من الاستثمار يمثل قيمة مضافة كبيرة للقطاع الصحي المصري، ويسهم في إدخال علاجات مبتكرة مبكرًا للسوق.
واختتم قشطة بالتأكيد على أن تطوير التكنولوجيا التشخيصية يُعد عنصرًا حاسمًا في تقليل معاناة المرضى، مشيرًا إلى أن غياب التشخيص الدقيق قد يؤدي إلى تأخر اكتشاف بعض الأمراض لسنوات، وهو ما تحرص الشركة على معالجته عبر برامج تدريب، وتوعية، ومشروعات شراكة في الابتكار الطبي.
وأكد أن دور الشركات—سواء متعددة الجنسيات أو المحلية—جزء لا يتجزأ من منظومة الرعاية الصحية، وأن الاستثمار المستمر في الكوادر، والبحث العلمي، والتكنولوجيا يمثل الطريق لضمان جودة مستقبل القطاع الصحي في مصر والمنطقة.
وفي سياق مواز، أكد محمد عفيفي، رئيس مجلس إدارة شركة “تروفاينانس” للتأجير التمويلي، أن صناعة التأجير التمويلي في مصر أصبحت أداة حيوية لدعم توسعات القطاع الصحي والمستشفيات، مشيراً إلى الدور التنموي الكبير الذي يمكن أن يقدمه هذا النشاط للمستثمرين والمواطنين على حد سواء.
وأوضح عفيفي أن مسيرته في القطاع بدأت منذ تأسيس صناعة التأجير التمويلي في مصر، مشيراً إلى أهمية نشر الوعي بأهمية هذا النشاط كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، ودعم البنية التحتية الصحية، وتمكين المستثمرين من المشاركة بفعالية في القطاع الطبي.
وأضاف أن شركته دعمت العديد من المستشفيات والمصانع الطبية الرائدة داخل مصر وخارجها، كما ساهمت في تمويل التوسعات للمستشفيات والمنشآت الطبية المتكاملة، بما يشمل تمويل المعدات والأجهزة الطبية، وهو ما يعكس التكامل بين القطاع المصرفي وقطاع التأجير التمويلي لتحقيق نتائج إيجابية ملموسة.
وأشار عفيفي إلى أن الاستقرار الاقتصادي وسعر الصرف المطمئن يمثلان عاملاً أساسياً في تعزيز ثقة المستثمرين، مشدداً على أن هذه العوامل تمكن الشركات من توسيع نطاق خدماتها الصحية ومواجهة التحديات المستقبلية مثل الأوبئة والأمراض المعدية، بما يضمن تقديم رعاية طبية متكاملة وآمنة للمواطنين.
كما شدد على أن دور التأجير التمويلي يتجاوز كونه نشاطاً مالياً، ليصبح جزءاً من الاستراتيجية الوطنية للأمن الصحي، من خلال دعم التوسعات في المستشفيات القائمة واستحداث منشآت جديدة، بما يسهم في تقليل العجز في السعة الاستيعابية للمستشفيات وتوفير الرعاية الصحية على نطاق أوسع.
وأكد أن الشراكة بين القطاع المصرفي وقطاع التأجير التمويلي، إلى جانب المبادرات الحكومية، تسهم في تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق أهداف الرعاية الصحية الشاملة.
وشدد عفيفي علي أن التأجير التمويلي يمثل أداة فعالة للاستثمار في القطاع الصحي، ويتيح فرصاً حقيقية لدعم التنمية المستدامة، بما يعود بالنفع على المستثمرين والمواطنين على حد سواء، مؤكداً استمرار شركته في العمل لدعم المستشفيات والمنشآت الطبية في مصر وخارجها.
في حين، أكدت هند زياد، المديرة بصندوق Euro Mena، أن البيئة الاستثمارية الحالية في مصر أصبحت أكثر ملاءمة للاستثمار في قطاع الرعاية الصحية، وذلك بفضل التطورات التشريعية الحديثة واستقرار المناخ الاقتصادي وثبات سعر العملة.
وأشارت زياد إلى أن الصندوق ينظر دائمًا إلى الفرص التي تحقق أعلى عوائد طويلة الأجل، مع التركيز على قطاعات المستشفيات والمعامل الطبية والمرافق الصحية الأخرى، مؤكدة أن قطاع المستشفيات وحده يمثل نحو 51% من استثمارات الصندوق الدولية في مصر.
واستعرضت أبرز التحديات التي تواجه المستثمرين في القطاع الصحي، مشيرة إلى أن الاستثمار بالعملة الصعبة يفرض تحديات تتعلق بتحويل الأموال وارتفاع تكاليف التشغيل، إضافة إلى طول فترة الحصول على الموافقات التنظيمية من الجهات المختصة، وخاصة وزارة الصحة.
ومع ذلك، شددت على أن هذه الإجراءات بدأت تتحسن بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، مما يزيد من ثقة المستثمرين.
وأضافت أن الصندوق يعتمد على استراتيجيات استثمارية مدروسة وطويلة الأجل، مع التركيز على ضمان استدامة العمليات في المستشفيات والمرافق الصحية، بما يتيح تحقيق عوائد مستقرة وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمرضى.
وأكدت زياد أن المرحلة الحالية، والتي تشهد استقرارًا في سعر العملة وزيادة في الموارد الأجنبية، تخلق بيئة محفزة للاستثمار المباشر في الرعاية الصحية، سواء في المستشفيات أو المختبرات أو وحدات الرعاية المتخصصة، موضحة أن هذا الاستقرار يتيح للصناديق الاستثمارية التخطيط بشكل أفضل وتوسيع نطاق استثماراتها في القطاع.
وقالت زياد إن مصر تمتلك فرصًا استثمارية كبيرة في الرعاية الصحية، وأن التحسينات التشريعية والاقتصادية الأخيرة تعزز من قدرة المستثمرين على الدخول في هذا القطاع بثقة، بما يسهم في تطوير البنية التحتية الصحية ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين.
من جهته، أكد أحمد درويش، العضو المنتدب لشركة “رويال للتأمين”، أن نظام التأمين الصحي الشامل في مصر يشكل فرصة لتعزيز جودة الخدمات الطبية وتوفير رعاية صحية متطورة للمواطنين، مع الحفاظ على التوازن بين التكلفة والسعر. جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «تعزيز قدرات الخدمات الطبية لتلبية الطلب المتزايد في ضوء الموازنة بين التكلفة والسعر» ضمن فعاليات القمة السنوية الثانية للاستثمار في الرعاية الصحية.
وأوضح درويش أن شركته تقدم خدمات مبتكرة تتجاوز العلاج التقليدي، تشمل تسهيلات رقمية مثل التواصل عبر الهاتف والمنصات الإلكترونية، مما يتيح للمستفيدين الحصول على خدمات سريعة وسهلة، مع مراعاة مستويات متفاوتة من الأسعار لتلبية احتياجات جميع الفئات.
وأشار إلى أن شركات التأمين تلعب دوراً محورياً في دعم المستشفيات والصيدليات والشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال الاستثمار في التكنولوجيا وربط العمليات إلكترونياً مع مقدمي الخدمات. وأوضح أن هذا النهج يحقق ثلاثة أهداف رئيسية: تحسين جودة الخدمات والإجراءات، تسهيل متابعة الفواتير والتعامل مع العملاء، والاستفادة من البيانات لتحليل احتياجات السوق وتقديم منتجات تأمينية أكثر ملاءمة.
وأكد درويش أن هذه الاستراتيجية تعزز هامش أرباح شركات التأمين وتحد من التعويضات غير المدروسة، وفي الوقت نفسه تضمن وصول الخدمات الطبية للمواطنين بشكل سلس ومستدام، مع دعم قدرة المستشفيات والصيدليات على التشغيل بكفاءة.
واختتم درويش حديثه بالإشارة إلى أن الابتكار الرقمي والاستراتيجيات الفعالة لشركات التأمين يمثلان عناصر أساسية لمواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الصحية، مع توفير الدعم اللازم للمستشفيات والشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز التنمية المستدامة للقطاع الطبي في مصر.
وفي سياق متصل، أكد أشرف بخيت، مؤسس ورئيس شركة O7، أهمية دعم الشركات الناشئة العاملة في قطاع الصحة النفسية في مصر، مشيراً إلى التحديات التي واجهتها الشركة منذ تأسيسها، والفرص الواعدة التي يتيحها السوق المصري والمنطقة.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة بعنوان «تعزيز قدرات الخدمات الطبية لتلبية الطلب المتزايد في ضوء الموازنة بين التكلفة والسعر» ضمن فعاليات القمة السنوية الثانية للاستثمار في الرعاية الصحية.
وأوضح بخيت أن شركته بدأت في عام 2019 منصة لتقديم خدمات الصحة النفسية، حيث توفر الشركة برامج خاصة بالشركات لتغطية موظفيها، خصوصاً أن معظم التأمين الصحي لا يغطي هذا النوع من الخدمات.
وأشار بخيت إلى أن الشركة وسعت نشاطها خارج مصر، بإطلاق خدمات مماثلة في السعودية والكويت، لتصبح أول منصة تقدم هذه الخدمات على نطاق إقليمي. ولفت إلى أن الشركة أتمت ثلاث جولات تمويلية بمجموع حوالي 21 مليون دولار، لدعم النمو وتطوير التكنولوجيا اللازمة لتقديم خدمات صحية نفسية فعّالة.
واشار بخيت الي أبرز التحديات التي واجهتها الشركات الناشئة، مشيراً إلى تقلبات العملة وصعوبة الحصول على التمويل بالدولار في الأعوام 2021 و2022 و2023، ما دفع الشركة لتبني استراتيجيات مبتكرة لضمان استدامة الأعمال وتحقيق النمو في السوق المحلي.
وأوضح أن الشركة لجأت إلى شراكات استراتيجية مع كيانات أكبر لتوسيع نطاق خدماتها وضمان القدرة على مواجهة تقلبات السوق والعملة، مع الاستفادة من التكنولوجيا المصرية المتقدمة التي تتيح تقديم حلول قابلة للتكرار والتوسع في أسواق أخرى.
وأكد بخيت أن الوضع الحالي في مصر أصبح أفضل بكثير للمستثمرين، مع بيئة أكثر استقراراً للعملة والاقتصاد، وهو ما يعزز من جاذبية القطاع الصحي للاستثمارات، خصوصاً الشركات الناشئة التي تمتلك حلولاً مبتكرة وتقنيات حديثة.
وأكد أن تجميع الشركات الصغيرة والمتوسطة معاً وابتكار حلول مشتركة يمثل استراتيجية ناجحة لمواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق نمو مستدام.
وشدد بخيت على أن القطاع الصحي، لا سيما الصحة النفسية، يشكل فرصة كبيرة للمستثمرين، وأن الاستثمار الذكي والمبتكر في هذا القطاع يمكن أن يحقق عوائد مهمة ويعزز من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين في مصر والمنطقة.
ومن جانبه، أكد الدكتور خالد النوري، استشاري استثمار الرعاية الصحية لشركة الأهلي القابضة، أن بيئة الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية بمصر شهدت تحسنًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس تطور التشريعات وسهولة دخول وخروج المستثمرين، رغم التحديات السابقة المتعلقة بتقلبات العملة وأسعار الدولار.
وأوضح الدكتور النوري أن الفترة بين 2019 و2021 شهدت صعوبات كبيرة للمستثمرين الأجانب والمصريين على حد سواء، بسبب التعقيدات التشريعية وتقلب أسعار العملة، حيث ارتفعت تكلفة الاستثمارات بشكل كبير نتيجة زيادة سعر الدولار، ما أدى إلى توقف بعض المشاريع وتأجيل خطط التوسع.
ومع ذلك، أشار إلى أن الوضع بدأ يتحسن، حيث أصبح المستثمرون أكثر قدرة على التخطيط واستيعاب المخاطر، كما تحسنت الإجراءات التنظيمية لتسهيل دخول وخروج الاستثمارات في القطاع الصحي.
وأضاف أن شركة الأهلي القابضة، التابعة للبنك الأهلي المصري، تهدف إلى توفير حلول متكاملة في مجال الرعاية الصحية، مع التركيز على الربحية المستدامة وخدمة المجتمع.
وأوضح أن الشركة بدأت بتقديم خدمات شاملة تغطي العيادات الخارجية والمستشفيات المتخصصة، إضافة إلى تشغيل شركات التأمين الطبي المؤهلة لتقديم خدمات الرعاية الصحية.
وأكد النوري أن المرحلة المقبلة ستشهد توسيع نطاق التغطية لتشمل المراكز الطبية المتخصصة، مثل مراكز السكر والعيون، بالإضافة إلى المعامل الطبية، بهدف تقديم خدمة متكاملة من التشخيص إلى العلاج والمتابعة.
وأشار إلى أن رؤية الأهلي القابضة ترتكز على توفير تجربة صحية متكاملة للمرضى، بدءًا من تلقي الخدمة الطبية وحتى مرحلة الشفاء والعودة إلى المنزل، بما يضمن جودة عالية وكفاءة في تقديم الخدمات.
كما أكد أن الشركة تعمل على تطوير بنيتها التكنولوجية وربط جميع مكونات الرعاية الصحية لضمان سهولة الوصول للخدمات وسرعة الاستجابة للاحتياجات الطبية للمواطنين.
وشدد الدكتور النوري على أن التحسن الملحوظ في البيئة الاستثمارية والرعاية التنظيمية وارتفاع استقرار العملة يخلق فرصًا كبيرة للمستثمرين المحليين والأجانب في قطاع الرعاية الصحية في مصر، ويعزز من قدرة الشركات الكبرى على توسيع نطاق خدماتها وتحقيق عوائد مستدامة.


