أعلنت 11 دولة حول العالم تبنيها لسياسات الحد من مخاطر حرق التبغ، باعتباره السبب الرئيسي لأمراض التدخين، ودعمها لبدائل منتجات النيكوتين الأكثر أمانًا، في خطوة تستهدف مكافحة التدخين التقليدي مع تزايد معدلات انتشاره عالميًا بين مليار شخص حول العالم.
وتشمل قائمة الدول التي تبنت سياسات الحد من مخاطر التبغ؛ كندا واليونان وإيطاليا ونيوزيلندا والفلبين والسويد والمملكة المتحدة وأوروجواي والتشيك واليابان والولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدول التي أدركت أن نهج الامتناع عن التدخين فقط لم ينجح في خفض معدلات التدخين بالسرعة التي يريدونها أو يحتاجون إليها، وأن سياسات الحد من أضرار التبغ إلى جانب الترويج لمنتجات النيكوتين الأكثر أمانًا للمدخنين الذين لا يقلعون عن التدخين يتماشى مع استراتيجياتهم الصحية.
ففي المملكة المتحدة، اتخذت البلاد خطوات تتيح للأطباء وصف السجائر الإلكترونية للمرضى البالغين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين، بجانب إطلاق مبادرة تتيح لمليون مدخن في إنجلترا بدء تدخين السجائر الإليكترونية إلى جانب تقديم الدعم السلوكي لتشجيع الناس على الإقلاع عن التدخين، وهي الخطوات التي ساهمت في خفض معدلات التدخين التقليدي بنسبة 4 % في عام 2020 مقارنة بعام 2014، في حين انخفض ذلك المعدل في دول الاتحاد الأوروبي التي لا تتبنى سياسات الحد من مخاطر التبغ بنسبة 2 % فقط.
وفي نيوزيلندا، تسمح الحكومة بالترويج للتدخين الإلكتروني نظرًا لقدرته على مساعدة المدخنين على الإقلاع عن تدخين السجائر واستهلاك التبغ بطريقة أقل في المخاطر، وهي الخطوات التي ساهمت في خفض معدلات التدخين التقليدي بنسبة 7% في عام 2021 مقارنة بعام 2011، ومقارنة بالمعدلات في أستراليا التي شهدت انخفاضًا قدره 5.4 % فقط، لرفضها استخدام السجائر الإلكترونية للإقلاع عن التدخين.
وفي السويد، شهدت البلاد أدنى مستوى للوفيات بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين بين الرجال في أوروبا، وذلك في ظل تشجيعها لتوفير “تبغ المضغ” على نطاق واسع، والذي يحظى بشعبية كبيرة هناك بما ساعد على خفض معدلات التدخين بالسويد بمستويات قياسية.
وفي اليابان، التي أصبحت منتجات التبغ المسخن لديها تحل محل التدخين التقليدي، بلغ معدل التدخين بين البالغين 13.1% فقط، مقارنة بالمتوسط في أوروبا البالغ 19.7%، في حين كشفت الحكومة في جمهورية التشيك مؤخراً عن خطة عمل جديدة لتبني سياسات نهج الحد من المخاطر، في إطار خطة لمكافحة الإدمان الذي يسببه التدخين.
وتختلف هذه السياسات التي تبنتها هذه الدول عن موقف منظمة الصحة العالمية التي تتبنى حظر جميع منتجات التبغ الأخرى أو تنظيمها ومعاملتها مثل السجائر، بغض النظر عن موقع هذه المنتجات من حيث المخاطر، بل أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تقديرها للهند، التي حظرت هذه المنتجات مع استمرارها في بيع السجائر التقليدية، رغم خطورتها الصحية مقارنة بالبدائل الأقل ضررًا، وفقًا للأدلة العلمية والحقائق المثبتة التي أثارها العديد من الخبراء والأطباء حول العالم،الذين انتقدوا نهج منظمة الصحة العالمية لرفضها الاستجابة للأدلة العلمية بشأن منتجات النيكوتين غير القابلة للاحتراق ورفض سياسات الحد من مخاطر التبغ.
فمن جانبه، علق الدكتور جون أويستون، أحد المدافعين عن نهج مكافحة التبغ، والأستاذ المساعد في جامعة تورنتو، قائلًا: ” تُظهِر الأدلة العلمية بوضوح أن منتجات النيكوتين غير القابلة للاحتراق أفضل من الاستمرار في تدخين السجائر، والنتائج واضحة؛ فالدول التي تتبنى معدلات سياسات الحد من مخاطر التبغ تعمل على خفض معدلات التدخين بسرعة أكبر من البلاد التي لا تعتمد هذه المناهج والمنتجات”، مطالبًا منظمة الصحة العالمية بتعديل تقييمها لتلك المنتجات بناء على أدلة علمية مثبتة.
وتابع: “من الصعب أن نفهم ماذا تعتقد منظمة الصحة العالمية عندما تشيد بالهند لحظرها التدخين الإلكتروني واستمرارها في بيع السجائر، من المهم أن تقوم الدول بتقييم الأدلة العلمية ودراسات الحالة الخاصة بالبلاد التي تعمل على خفض معدلات التدخين بشكل أسرع جزئيًا من خلال اعتماد سياسات الحد من مخاطر التبغ، بدلاً من منع أو تقييد قدرة المدخنين الذين لا يتوقفون عن التدخين من التحول إلى منتجات أقل في المخاطر”.
وفي خريف عام 2021، وقع 100 خبير على رسالة عامة حول رفض نهج منظمة الصحة العالمية تجاه تدخين التبغ والصحة العامة، حيث أشار البروفيسور ديفيد نوت، الأستاذ بجامعة إمبريال كوليدج لندن، إلى أن منظمة الصحة العالمية تواصل إصرارها على أنه يجب على المدخنين التوقف عن التدخين تماماً، على الرغم من أن الملايين من المدخنين لن يفعلوا ذلك وسيستمرون في ممارسة هذه العادة.
إلى جانب ذلك، قال خبيران سابقان بمنظمة الصحة العالمية، “روث بونيتا” و”روبرت بيجلهول”، إن التحدي الرئيسي في مكافحة التبغ على مستوى العالم هو مساعدة مدخني السجائر على الانتقال من منتجات التبغ المحترقة إلى خيارات أقل ضررًا بكثير، حيث توفر تلك المنتجات النيكوتين بدون الدخان السام، مضيفًا أن تجاهل منظمة الصحة العالمية للأدلة المتعلقة بقيمة هذه المنتجات يحكم على ملايين المدخنين بأمراض يمكن الوقاية منها، ومن بينها الوفاة المبكرة.
في حين، قال ديفيد سوينور، رئيس المجلس الاستشاري لمركز العلوم والسياسات والأخلاقيات الصحية بجامعة أوتاوا بكندا، إن الجهود الفعالة في مجال الصحة العامة يجب أن تستند إلى العلم والعقل والإنسانية، مضيفًا أن منظمة الصحة العالمية تنحاز ضد هذه العوامل الثلاثة عندما يتعلق الأمر بالنيكوتين، بما يهدر فرص تحسين الصحة العالمية، عن طريق فصل استخدام النيكوتين عن استنشاق الدخان.